top of page

٢١/٣٠ 

Image by Leo Rivas

المياه الراكدة تأسن. كذلك الأمر بالنسبة للحياة. عندما نتوقف عن التعلم، فإننَّا نتوقف عن النمو. وعندما يتوقف النمو، تتوقف الحياة.

في العقود الأربعة الأخيرة من حياتي، قابلت أناساً من جميع أطياف المجتمع. لقد رأيت البعض الذين حققوا إنجازاتٍ فيما يخصُّ الألقاب والمناصب، ثمَّ انكسرشيءٌ ما في داخلهم. انطفأتِ الأنوار. يتظاهرون بأنَّهم يعيشون، لكنهم، في الواقع، مجرَّدُ أُناسٍ آلييِّن. في مكانٍ ما على الطريق، إمَّا أنَّهم فقدوا القدرة على متابعة التَّعلم أو أنَّهم لم يطوِّروا من هذه القدرة.

على الرغم من أنَّ، قابليَّة التَّعلم، من الناحية العلميَّة، هي أمرٌ حيويٌّ للنمو والنجاح في مختلف ميادين الحياة، فإنَّها في أساسها الجوهري، ما هي إلَّا فضولاً مقروناً بالقدرة على الملاحظة والاستيعاب والتطبيق.

​ بسيط؟ ربَّما. 

مهم؟ بالتأكيد. 

 إن كان هناك من هَوَسٍ في حياتي فإنَّه سيكون:"التعلم وتطبيق ما تعلَّمته في الحياة الواقعيَّة". إنَّ السَّعي إلى التَّعلم مدى الحياة لم يكن لأجل الشُّهرة والأوْسِمة، بل من أجل الِّرضا الدَّاخلي والتأثير الدائم والتفاعل المتبادل. إنَّ النجاحاتِ التي تلت لم تكن إلَّا كناتج جانبي طبيعي.

 في السنوات الأولى من طفولتي، نشأت في بيتٍ احتوى على حائطين ضخمين مثبَّتٌ على كلٍّ منهما مكتبتين خشبيتين بنيتين من الأرض إلى السقف، تتكدس فيهن مجموعات من الكتب المتنوِّعةَ. لقد قرأهم والدي كلَّهم، بعضهم حتَّى، ربما، لأكثر من مرَّة. لقد كان صحفيَّاً موهوباً وفصيحاً، محبوباً في البيت وفي العمل. والدتي، مدرِّسةٌ للغة الانكليزيَّة، محبوبةٌّ من طلاَّبها، تهتم بهم بما يتجاوز المقرَّر الذي تدرِّسه. هي ألزمت نفسها بمساعدة هؤلاء الأطفال ليكونوا نسخةً أفضل من أنفسهم، وقامت بذلك بلا كللٍ وبكلِّ حبٍّ وحنان.

بين هاتين القامتين المميَّزتين، كان من الطبيعي أن ينمو لديَّ شغفٌ للتعلُّم، و ما زال يكبر حتَّى يومنا هذا. لقد اكتشفت، بشكلٍ مفاجئ، أنَّ فرص التَّعلم والنموِّ موجودةٌ في كلِّ مكانٍ حولنا. هي ليست محصورةً بالمصادر الدراسيِّة فقط. هناك الكتب والمقالات والأفلام والطبيعة، هناك الأصدقاءُ والعائلة... إنَّ الحياةَ غنيَّةٌ بمصادر التَّعلم.

منذ سنوات مراهقتي، قد حَرِصَت الحياة، في كلِّ جلالها، على أن تبعث لي كلَّ تجربةٍ ممكنة، لتختبر اعتقاداتي، ولتمتحن قِيَمِي الخاصَّة وكلِّ شيءٍ ظننت أنَّه صحيح. لم تكن بالطبع جميع هذه التجارب سارَّة. وراءَ كلِّ أزمةٍ، هناك فرصةٌ تنتظر إطلاقَ العنان لها. بالنظر إلى ما مضى، وجدتُ أنَّ كلَّاً من هذه التجارب الحياتيَّة قد حدثت في لحظةٍ كان لها التَّأثير الأكبر في حياتي. إنَّه كما قال الدالاي لاما: " تذكَّر أنَّه، أحياناً، عدم الحصول على ما تريد هو بمثابة ضربة حظٍ رائعة". لقد احتجت لأن أتعلم بسرعة، و لأن أتعلَّم بشكلٍ جيِّد. 

الشركة التي أترأسها اليوم. RISE هذا ما ساعدني في نهاية المطاف لأن أنشيء 

هذه هي ملاحظاتي الواحدة والعشرون خلال الثلاثين سنة الماضية من حياتي:

  1. إنَّ الحياة تتواصل معنا باستمرار. إنَّها تجد الطريقة للفت انتباهنا. في البداية، ترسل رسالةً، وعندما يتم تجاهلها، فإنَّها ترسل أزمة، وعندما يتمُّ تجاهلها، هي الأخرى، فإنَّها ترسل كارثة. فعليك أن تقرر ما الذي يلفت انتباهك بشكلٍ أسرع.

  2. أحياناً، أصحاب المقاصد الخيِّرة، ذوو النوايا الحسنة، قد يتنهي بهم الأمر إلى أن يسبِّبوا لك الضرر. القضية ليست مسألة تصيُّدٍ للأخطاء. فكلَّما كان أسرع أن تجعل من نفسك شخصاً متماسكاً ومنظَّم ذاتيَّاً، كلَّما كان ذلك أفضل للجميع.

  3. لكُلِّ شخص مفهومه الخاص عمّا هو "شائع". وهذا أمرٌ شائع!

  4. العالم الخارجي هو مرآةٌ للعالم الداخلي. كما في الحواسب، المدخلات الخاطئة تعطي مخرجات خاطئة.

  5. إنَّ العالم لن ينحني على ركبتيه لجعل كل إنسان سعيداً. فهذا ليس شأنه. إنَّه، حتَّى، ليس بالتوقُّع المعقول من العالم. مهما يكن، فإنَّه مليءٌ بالفرص و الموارد. فالأبواب المغلقة ليس بالضرورة أن تكون أبواباً مقفلة.

  6. إنَّ للنفايات مكانها، ومن الأفضل لها أن تبقى هناك. في نفسك، وفي الناس، وبالمعنى الحرفِّي للكلمة.

  7. تُؤخَذُ الأشياء العظيمة و الناس المهمُّون على أنَّهم أمرٌ مسلَّمٌ به أحياناً، إلى أن يفقدَهم المرء. تعلَّم أن تُعزَّ وتقدِّر وتهتم بما هو ذات أهميَّة. الناس الذين بحاجةٍ إلى أن يعرفوا، يجب إخبارُهم. ليس هناك من وقتٍ كافٍ في هذا العالم لتأجيل أشياءٍ كهذه.

  8. الخوف من الألم، أسوء من الألم نفسه.

  9. إنَّ محاولةَ إثبات قيمتك الذَّاتيَّة للآخرين، هو مضيعةٌ للوقت وإهدارٌ للطاقة. إنَّه يشبه ذلك الملصق الذي رأيتُه وكُتِب فيه "لا تتنقَّل من مكانٍ إلى آخر، مخبراً الآخرين عن مشاكِلِك. إنَّ ٧٠% منهم لا يكترثون لذلك البتَّة، و ٣٠% سيكونون مسرورين لذلك".

  10. يمكن إزالة الفوضى في المكان، ولكن هذا لاينطبق دائماً على الفوضى في العلاقات.

  11. أنْ تكونَ بليغاً وفصيحاً، قد يعود بنتائجَ عكسيَّةٍ ما لم يترافق بالتعاطف. والتعاطف بدون عباراتٍ مناسبة يبقى عديم التأثير. تذَّكر أن تغلّف هديَّتك.

  12. إنَّ السّواقة أسهل بعد أن تهدأ العاصفة، ما لم تكن، طبعاً، كناقلة نفطٍ في أعالي البحار. هل أنت كذلك؟

  13. الرجال الخارقون والنساء الخارقات شخصيَّاتٌ من سلسلة كتب هزْليَّة. فليس كلُّ من ارتدى معطفاً، أو لباسه الداخلي فوق سرواله، يمكنه الطيران. يمكنني أن أوقف طلقةً مسرعةً، لمرَّةٍ. إنَّ تألِيْه الذات أو الآخرين له نهاية قصةٍ هزْليَّة.

  14. إنَّ المصافحة بالأيدي ليست ملزِمة، حتَّى العقد ليس ملزِماً. الأمور يمكنُها دائماً أن تتَّخذَ منحاً آخر. إنَّ نواة الشخصية تغلب بالرغم من مرور الوقت.

  15. المستقبل تتمُّ صياغته الآن. ما تفعله الآن يحدِّد مستقبلك.

  16. التَّعلق غالباً ما يكون وصفةٌ للمأساة، و خيرٌله أن يبقى كمُتعلَّقٍ يُرفَق برسائل البريد الالكتروني.

  17. التنفس دواء. النَفَس هو الحياة.

  18. الجسم البشري آلةٌ من غير كتالوج.

  19. أقصر الطرق هو الخطُّ المستقيم. هذا ينجح مع النَّاس.

  20. وقت الاستعداد للمطر يكون قبل الخروج. لكن إذا كنت لا تأبه للمطر، فلا تتذمر.

  21. إنَّ السلوك يتفوَّق على الذكاء.

إنَّ ٢١/٣٠ ساعدت في تشكيل مجموعة من الثوابت الراسخة التي أتاحت الإسهام بمجالين ناجحين: العلاقات الصحيَّة، والسعادة المستدامة جسديَّاً وعقليَّاً وعاطفيَّاً.

هذه هي مبادئي الخمسة التي أشارككم إياها اليوم:

  1. ​أنا المسؤولة عن عالمي، وعمَّا أصنعه فيه.

  2. إنَّ ما يرسم طريقي هو رؤيتي للمستقبل.

  3. واحد زائد واحد يساوي أكثر من اثنين.

  4. التواصل فن.

  5. التصرف في الوقت المناسب لا بديل عنه. 

هذه الطريقة في العيش المستندة إلى الثوابت، جعلت الأمور أكثر سهولةً وأقدر على التنبؤ بها، لي ولمن حولي. عندما بدأت في ممارسة الكوتشينغ، ساعدت أفراداً على إيجاد أرضيَّةٍ لأنفسهم جلبت لهم وضوحاً في الاتجاه الذي عليهم أن يسلكوه، وأتاحت لهم بناء قوَّةٍ دافعةٍ مليئة بالطاقة والحماس. 

عندما لمست النجاح الذي حقَّقه العملاء من الأفراد خلال مسيرتي، تولَّدت لديَّ رغبةٌ قوية لأن أقدِّم هذه المقاربة إلى جماعاتٍ لتحقيق تأثيرٍ أكبر. بالرَّغم من الآثار المبهمة لجائحة ٢٠٢٠ فقد فتحت المجال لي لأتشارك مع خوسيه لإكمال تصميم "برنامجاً فريداً من نوعه" لتعزيز الفاعليَّة الفرديَّة والمؤسَّساتيَّة. هذا البرنامج يُسمَّى "برنامج إعداد محفّزِيّ الثقافة". لقد رأى هذا البرنامج النور بفضل الصَّبر والتَّفاني والإبداع الاستثنائي لمديرالإبداع، إيزر. يقدِّم البرنامج خبرةً إلى المؤسسات ستُثري من ثقافتهم وتُسرِّع من نموِّهم المُستدام. 

إنَّ ما جعل عمليَّة تأسيس برنامج إعداد محفّزِيّ الثَّقافة استثنائيَّة هم النَّاس، كلُّهم جميعاً: تضافر جهود فريقنا لإحياء هذا المشروع الفريد من نوعه، الدَّعم الخارجي الذي تلقيناه، وقوف عائلاتنا وأصدقائنا إلى جانبنا، يشجِّعون أحياناً، ويسامحون أحياناً لكوننا غير مُتاحين غالبيَّة الوقت.. والآن عملاؤنا المحتملون الذين غالباً ما أشاروا إلى أنَّ برنامجنا هو الأوَّل من نوعه في المنطقة.

 هذه هي انطلاقتي الجديدة! 

NICK6298 low.jpg
bottom of page